وللروح أسرار ورغبات .. بقلم د.جيلبير المجبر

وللروح أسرار ورغبات .. بقلم د.جيلبير المجبر

نشر بتاريخ: 6 تموز 2016

يسعدني أن أتقدم بالتهنئة لإخواننا المسلمين في هذا اليوم الذي جعله الله عيدا يقفون جميعا اخوة متحابين، وقد نزع ما في صدورهم من غل ليتعلموا كيف يعيشون اجواء هذه الأخوة والمحبة والفرحة.
عيد رمضان، هذا العيد الذي أتى بعد مرحلة روحية تعتبر فترة للتدريب، والقيام بالمسؤولية ليتمكن الإنسان من المزيد من التأمل، والصمود، والصبر فلنأخذ من هذا الزاد للقيام بالعمل لأجل مواجهة المحن والصعوبات.
بإستطاعتنا أيها الإخوان أن نجعل كل يوم عيدا وفرحا.

فكل يوم فيه مسؤوليات وإذا قمنا بالمسؤولية كان عيدا لنا.
فلتكن أيامنا أعيادا للإخوة وللمحبة، والمسؤولية أمام الله وأمام أنفسنا، سواء في الأمور الخاصة او الأمور العامة.
وقد يظن البعض أن السر في استمرارية القيم الإنسانية النابعة من الرسالات السماوية، هو انها إرث لعادات ورثناها عن آبائنا واعتدنا أن نمارسها كجزء من حضارتنا الإنسانية لنكون بذلك أكثر احتراما لذواتنا.
ولكن في الحقيقة إن ممارسة القيم الإنسانية، هي حاجة ملحة للفرد، كما هي حاجة للمجتمع.

إذ تسمو بنا هذه القيم إلى أعلى الدرجات، لتتخطى في ممارسة بعض القيم حدود الزمان والمكان.
فهل فكرت يوما؟ ماذا تجسد قيمة العطاء بالنسبة لك؟ أو ما تأثيرها عليك وعلى المجتمع؟
هل نظرت إلى مقدار ما سيحدثه عطاؤك من وقع على القلب ومدى تأثيره على النفس؟
أنت في الواقع لا تعطي. إنك تأخذ.
نعم، تأخذ تلك المشاعر المتينة ممن امددناهم بعطائنا فنسقي بها عطش قلوبنا لترتوي من فيض العطاء.
وأود أن أجد وصفا للسعادة التي قد يشعر بها الإنسان الذي يمارس هذه القيمة، إنها لذة العطاءات.

لذة الإحساس بسعادة الآخرين، بآلامهم، بوجودهم الإنساني.

هي لذة روحية لا تنتهي مع نهاية العمر، بل غالبا ما تكون البداية، على العكس تماما من الملذات الجسدية التي لا تلبث أن تزول بزوال اللحظة التي نعيشها أو نشعر بها بالإشباع لنجاحاتنا فيها، كيف يكون حالنا ونحن نتناول طعاما بعد شعور بجوع شديد، أو عندما نرتوي بقطرات من ماء بارد بعد يوم من الظمأ، فما أن نشبع حاجاتنا حتى تعود الأمور إلى طبيعتها.
هل تساءلت من أين اتاك هذا النعيم، هذا الرزق، هذا المال، هذه الصحة، هذا الذكاء؟
الله رزقكم لتنفقوا وتتصدقوا وتزكوا.
الله اعطاك لتعطي وتنفق.
الله يرزقك بلا حساب وغيره يرزقك بحساب، يرزقك من كرمه، رزقه من عطائه فإن قيمة العطاء لها أثرها الكبير على المجتمع، والأفراد.

ولا أعني بالعطاء الجانب المادي منه فقط.

اذ يمكن ان تعطي من وقتك لتستمع إلى آخر بحاجة ماسة إلى من يشاركه همومه.

فلربما كنت سببا في حل مشاكلاته.

أو قد تساهم في إسعاد عائلة فقيرة يكفيها أن تجد مأوى أو طعاما لأبنائها.
أو قد تفتح بابا لشاب طموح لم تنصفه الحياة، أو قد تساعد في تعليم طفل لتساهم في تغيير مستقبله، ليس المهم من نعطي، في الهند، أم في الصين، أو في حي نسكنه أو بعيد عن مسكننا وبيئتنا، وهذا ما يميز قيمة العطاء، العطاء الذي ليس له حدود أو شروط.
قيمة العطاء ملقاة على عاتق الأهل لتبدأ من الصغر مع الاولاد، في سن الصفاء والطهر والعطاء، دون منة أو تصنع أو رياء.
يا شباب اليوم انتم شيوخ الغد، لذلك فإكرام المسنين، العاجزين هو قمة العطاء وإكرامهم ما هو الا من إجلال الله.
أخي الإنسان..
لتكن إنسانا عليك أن تشعر بحاجات الإنسان الآخر الذي يقاسمك إنسانيتك.

فأعط ولا تبخل.

داوي نفوس الآخرين بدواء العطاء.
كن كالشمس تنشر بنورها، ودفئها فوق الجميع دون حساب أو اعتبارات.
تذكروا أننا مهما كنا أغنياء أو فقراء، عظماء أو أناس عاديين ملوك أم رعية، فكلنا سينتقل إلى حفرة إلى التراب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *