إلى أين أوصلتمونا بالله عليكم كفى

من المؤسف القول أننا في جمهورية أحزابها تنعي الديمقراطية ، وتبدو أحزابها في وضعية لا تُحسَدُ عليها . اما لناحية الأزمة التي تعصف بالجمهورية فهي تطال كل المنطلقات الدستورية والقانونية ومستقبل الدولة بكل أجهزتها حتى الكثير من البنود الدستورية التي أهملتها هذه الأحزاب عمدا . كل هذا الأداء أضعف الجمهورية وحرمها من المصداقية وأثّرَ على أدائها وساهم في تراجعها وها نحن اليوم أمام حرب ضروس مكنّت العدو من إجتياز الحدود في وقت شعبنا غير قادر على حماية نفسه من أي إعتداء والسبب إهمال تعزيز القدرات العسكرية لقواتنا الشرعية وتجيير السيادة لمحور إيران .

حرب ضروس تخاض بالإنابة عن الغير وهذه وضعية خاصة تنحصر في لبنان وهي بعيدة كل البُعد عن دول الطوق مع دولة إسرائيل ، وإنّ مظاهر التأزم في البُنية الحزبية اللبنانية هي على قدر كبير من الخطورة والإتساع ، وكل الإرتباكات تضرب مقوماتها السياسية الدستورية ، عمليا هناك كتل نيابية مؤلفة من هذه الأحزاب وكلها فعليا كالصفر ع الشمال … أحزاب تفتقر لمقومات الفكر السياسي والإختلالات تطال كل المرتكزات التي قامت عليها لأنها مرتكزات باطلة قامت على المصالح الخاصة وعلى العمالة للغرباء … قوى حزبية “رسمية ” إذا جاز القول أصحاب فكر عاق وجمود فكري يسيطر في عقولها إلى درجة تبدو هشّة في حضورها ومستقيلة من دورها … وإللي قادر يبرهن العكس خلي يتفضّلْ .

إلتقيت في جولتي الأوروبية كالعادة بأحد الدبلوماسيين الذي عملوا في جمهوريتنا وبادرني إلى القول ” ما زلتم كما أنتم ووضعيتكم ما زالت كما هي ، وإن إستقرار هذه الوضعية صديقي على ما هي عليه يستدعي من حيث المبدأ إطلاق مبادرة لمراجعة جريئة وعميقة تطال بأدق تفاصيلها وبمختلف أشكال تمظهرها واقعكم الحزبي وهو على ما يبدو نقيض النظام الديمقراطي ” نعم كل الحق معه أحزاب عفنة تحمل هموم الغرباء ، أحزاب عميلة وتعطينا دروسًا في الوطنية ولكن ما في اليد حيلة .

الأحزاب في الجمهورية اللبنانية أحزاب دكتاتورية تحمل صفة العمالة والكذب وبيع الوطن وتجيير السيادة وضرب المؤسسات الرسمية الشرعية . وواقع هذه الأحزاب ومناصريها يحكمها الوباء الفكري والعمالة لرئيس هذا الحزب ولمنظومة أبدعت في سرقة المال العام وضرب كل مقومات الدولة . هناك مظاهر تأزُّمْ تُهيمن على العمل الحزبي ، وهناك مواطن ضعف في أداء هذه الأحزاب ، وهناك أعطاب في نشاطاتها ، وهناك تقصير فاضح في ممارسة العمل السياسي ، وهناك تقصير فاضح في التشريع هناك عطب في نوعية مناصريها … إلى أي مدى ستبقى هذه الأحزاب مسيطرة بالسطوة على كل مقدرات الجمهورية؟ سؤال بحاجة لإيجابة رصينة وعلمية .

أسئلتي أيها القارىء او المتابع الكريم بحاجة إلى جهود مضنية وفرق بحثية من أعلى المراجع السياسية ومن مراجع محلية وإقليمية ودولية ومراكز أبحاث ، وأسئلتي تهدف وبكل تجرد إلى إنتقاد هذه التجربة الحزبية التي أوصلتنا على ما نحن عليه ، أيجوز أن نرى على شاشات التلفزة قوى سياسية هي السبب في توارد الأزمات على الجمهورية يبحثون عن حل ويُطالبون مشاركة البطريرك بهذا الحل ؟ عفوا هل الزاني السياسي والسارق للخزينة والذي عرّض البلاد للويلات أن يكون هو مدخلاً للحل صراحة أطرح هذا السؤال على غبطة البطريرك الذي يظهر غالبا أنه حريص على الجمهورية ، وهل حرصه هذا أن يتعاون مع هذا الصنف من المسؤولين ؟ فعلاً إذا كان حرصه على ذلك ، فإنه حتما شريك في المؤامرة ونقطة ع السطر.

لدي مقاربة لخلاص لبنان ضمن حدود الإمكانية المتاحة وعلى متابعة كل القضايا في مؤسستي وفي كل إداراتها الفكرية لتلك الأسباب أدعو الجميع إلى حركة وعي تنقذنا من واقعنا الأليم لأن أحزابنا أوصلونا إلى الهاوية وبالتالي علينا إيقاف هذه المهزلة المتراكمة على كل المستويات والتي هي من بطولة رجال سياسة ورجال دين ، والله وليَّ التوفيق .

 

الدكتور جيلبير المجبِّرْ

 

 

 

فرنسا في 8 تشرين الأول 2024