لا تظلمن اذا ما كنت مقتدرا……فالظلم اخره يأتيك بالندم

نامت عيونك والمظلوم منتبه……يدعو عليك وعين الله لم تنم

 

الدكتور جيلبير المجبر

 

‎في نظرتنا المتواضعة إلى الحياة، نستكشف ثروات

‎أعظم من المال:

‎المحبة والتسامح والتواضع والتحنن على الضعيف والمحتاج ونصرة المظلوم… وأهمية وجود الله في حياتنا… أشياء مهمة تجعل معنى لوجودنا في هذه الحياة…

‎هذا هو الوضع المثالي الذي من خلاله تلقى القدر الكافي من الضوء لحياتك…

‎عندما تدخل منزلا يسكنه الله، أول ما يمكن ان تميزه سيكون فيض المحبة والإيمان الحقيقي بين أفراده، وتلك الهالة من الاحترام بينهم، والعلاقة الطيبة التي تربطهم رغم الظروف الصعبة المحيطة بهم…

‎إنها سمة نادرة قلما تجدها في يومنا هذا، تثير الاعجاب والتقدير نحو هؤلاء الاشخاص…

‎خاصة أنه في يومنا هذا قد انطفا النور الروحي ليحل مكانه الظلام والشر… وتحول الإنسان إلى عبد للشهوات المادية حتى ولو على حساب شقاء وتعاسة الآخرين…

‎هناك أشخاص مراؤون، ضمائرهم مثقلة بالاثام وفقدوا الإنسانية يدعون النور وهم يعيشون في الظلمة…

‎يظهرون للناس أنهم يصلون، أما صلاتهم فمجبولة بالرياء والكذب والكبرياء… كالفريسيين الذين كانوا يتظاهرون بالصلاة…

‎الجشع والطمع والربى الفاحش جعلهم يتظلمون الناس سعيا وراء مجد بشري فارغ…

‎وهناك من يظهر ذاته للناس في مظهر القديس، في حين يمارس الربى ويدين الناس بفوائد عالية ليتسلبط عليهم ويبتزهم ويفتري عليهم، ويتظلمهم ، ويغرقهم في بحر من الديون ليس من السهل الخروج منه… ومن ثم يعود ويقاضيهم أمام المحاكم وقد يستولي على املاكهم لقاء مبلغ بسيط من المال… وربما يهددهم بالسلاح الحربي في عقر دارهم…

‎مثل هكذا إنسان قد فقد الشعور الانساني، وهو لا يميز بين الحلال والحرام… لأن من هجر الله يفقد المحبة والتحنن والمسامحة، فيسيء للآخرين ويتظلمهم…

 

‎لقد قال الرب:

‎”ان الذي يصنع الشر لا يمكنه ان يكون في النور لأنه يقوم بأعمال الظلمة”… لأن النور لا يتعايش مع الظلمة…

‎والإيمان الحقيقي يجب ان يترافق مع الأعمال الصالحة التي هي ينبوع قداسة…

‎ان لم يحيا الإنسان الإيمان في كل عمل يقوم به، بممارسة ” الفضائل العليا: المحبة والتواضع”، ومساعدة المحتاجين، يكون إيمانه باطلا… ويكون كشجرة يابسة لا تنتج ثمارا…

 

‎الله لم يبدع الشر، ولكن هناك من ضل طريق الرب، وحول خواص طبيعته البشرية إلى أهواء شريرة وجهها إلى الآخرين…

‎جلد الناس باسم الرب مدعيا أنه آمين على تعاليم الإنجيل بممارسة أعمال الربى التي تدينها جميع الشرائع السماوية والإنسانية، ويرفضها القانون… ولكن القانون عندنا عاجز حتى الأن عن محاسبة الدائنين لأنهم محميين… وهو يدين الناس الضعفاء والابرياء الذين لا حول لهم ولا قوة، وقد اجبروا على توقيع شيكات بدون رصيد رغم أنهم قد استوفوا ما عليهم وأكثر… ولكن جشع المرابين لا يتوقف عند حد…

 

‎أخيرا وليس آخرا

‎لا بد ان نشير ان هناك صنفان من المستدينين:

‎هناك من يستدين من فقره ليطعم عائلته… يجب ان يرحم…

‎وهناك من يستدين من أجل السفر والسهر والسمر، وريادة المطاعم…

‎او ليقيم حفل زفاف “مطنطن” كما يسمونه… وذلك حبا بالظهور…

‎وهذه الشريحة من البشر يجب ان ترجم…

‎ولكننا ندين ابتذاذ الناس المحتاجة إلى الرحمة مهما كانت أسباب الاستدانة… لأن الربى حرام، ولا يجوز، كما أشرنا سابقا…

‎غير إنه تجدر الإشارة، ان أغلبية العائلات، بعض النساء بوجه خاص، تجهلن تماما كيفية الموازنة بين المصروف والمدخول…

‎نحن بحاجة إلى نشر الوعي الاقتصادي بين الناس…

‎فالعائلات بحاجة إلى عملية ترشيد من قبل أخصائيين في علم الاقتصاد، تعطيهم المعرفة الصحيحة…

‎أما المرابين، فيعوزهم الفكر الذي للمسيح، والذي توصل اليه زكا العشار بفضل الرب…

‎زكا كان رئيس العشارين، قد اهتدى لما رأى الرب يسوع المسيح، وتاب توبة صادقة، لأنه أحس في قرارة نفسه بأن شيئا ما ينقصه رغم الثروة الضخمة والأموال الطائلة التي كسبها من الربى الفاحش حين ظلم الناس… فأراد ان يكفر عن ذنوبه ويتوب، لينال الخلاص،

‎وذلك بإعادة الأموال التي جناها بالربى إلى أصحابها… لأنه وجد ان إعادة الحق إلى أصحابه وحده يحرره من اطماعه وذنوبه…

‎لقد قال زكا ليسوع:

‎”هاءنذا يا رب أعطي المساكين نصف اموالي، وأن كنت قد غبنت أحدا في شيء أرد أربعة أضعاف”.

‎يقول القديس سمعان اللاهوتي:

‎”ان لم يعتمد الإنسان بدموعه يكون قد اغتسل بماء”…

‎ان لم يتب توبة حقيقية فلن يخلص…

‎إننا نتلمس من الله ان يحول كل هذا الظلام إلى نور هداية، إلى محبة ورافة وتواضع في قلوب جميع الناس ليحل السلام بين البشر… آمين.