دائرة العلاقات السياسية – قسم الإعلام
أيها السادة رجال دين وساسة
من المتعارف عليه أن السياسة هي فن خدمة الناس طوعا وضميريا وهي على ما يعرفها علم السياسة بأنها فن شريف جدا وشديد الصعوبة على سالك هذا الكار أن يكون أمينا للشعب وللوطن وللوكالة التي أعطاها الشعب له ، والعمل السياسي على ما تظهره الشرائع السماوية هو دعوة إلهية ومسؤولة وفق ما تؤكده الكتب السماوية والتي لا يمكن دحضها وفلسفتها وفقا لأراء يسلكها البعض ممن يتعاطون السياسة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي .
إن ما يحصل على أرضنا لأمر مستهجن حيث الدمار والقتل والهجرة والتعدّي على الكرامات ونكح السيادة الوطنية وهذه الأمور لا بد من أن نضع لها حدًا لأن شعبنا سئم الكذب والرياء والبيع والرهن والمواقف الإعتباطية والوهن والتضليل … إنّ السياسة يا سادة ( زمنيين + روحيين ) ، هي مجموعة أفكار ومبادىء يمكن تجسيدها في حياتنا المسيحية – الإسلامية – اللبنانية – العربية – الدولية ، خصوصا مع تزايد موجات غضب يسلكها شعبنا الأعزل جرّاء الحروب التي تخاض على أرضنا تحت مرمى أعين ساسة فاسدين كذبة وكلها تجسد الغضب الشعبي العارم على هؤلاء (تجار الهيكل والوطن ) ، أحد الرهبان عندما كنت أزور مقامًا دينيًا في فرنسا وهو من الرهبنة اللبنانية المارونية قال لي ” في جهنم سيلتقي رجال السياسة اللبنانيين برجال الدين كلهم حيث سينالون جزاء ما فعلوه بنا وبالوطن …” لن أكمل ما قاله هذا الراهب القديس عن واقع الزعامات الروحية والعلمانية .
ليس من باب الصدفة أن يكون هذا هو واقع حالنا نحن اللبنانيين مسيحيين ومُسلمين ، وحيث يجب الحديث بصدق عمن كانوا في مسلكهم السياسي – الإجتماعي – الأمني … سببا في هذه الأزمات التي تضرب الوطن بحث إستطاعوا الجمع ببين الزبائنية السياسية والتجارة الرابحة في بيع الشعب والوطن وسفّهوا الأفعال السياسية لأنهم يفتقرون للمبادىء الأخلاقية والوطنية والدينية في حياتهم الحالية . نعم هؤلاء هم شياطين السياسة الذين أوصلونا إلى قعر الهاوية وها هم يتناطحون للبقاء في مراكزهم دونما خجل ووجل وكأني بهم كالعاهرات اللواتي يقفن على الطريق يبيعون شرفهم من أجل حفنة من المال مع أي كان ووفق الأسعار الرائجة ، ولا يمكن لأحد من الساسة أن يتنكّر لما نقوله وأكبر مثال على ذلك فليأتيني واحد منهم لم يسلك طريق البغاء السياسي وإستيفاء المال الحرام على فعلته الدنيئة .
برسم البطريرك التوّاق إلى إنتخاب رئيس للجمهورية ، سيدي البطريرك للمرة الثالثة ألاحظ مع المؤمنين أنك تذرف الدموع ساعة إلقاء عظة أم موقف ، بالله عليك أوقف هذه القصة لأنّ بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة لا يَبكي ولا ينوح ولا يتلوّن ولا يتغيّر ، بل عليه أن يقف صارم الوجه لكي يُبكي من أضاعوا الأمانة وجيّروا السيادة الوطنية وإغتصبوا الديمقراطية وإن لم تكن على قدر الأمانة ، أمانة المحافظة على الإرث الماروني تشجّع وقدِّم إستقالتك ، وفي هذه الطريقة لا تبكي ولا يبكي شعبك على ماضٍ عظيم لم تستحقوه .
برسم الشرفاء ، أيها الأبطال كونوا على مستوى طموحات شعبكم العظيم الذي تحمّل وزر ساسة أغبياء لقطاء وسارعوا إلى إنشاء إدارة سياسية رشيدة ، وسارعوا إلى بناء الدولة الحديثة لأنّ الحكم الرشيد يعتمد على ديمقراطية المشاركة لا البكاء على الأطلال ، وهذه الديمقراطية ليست بديلا عن الديمقراطية التمثيلية لكنها مكملة لها ، كما يجب أن يعتمد هذا الحكم على المشاركة ولا سيما مشاركة المجتمع المدني بكل فئاته في التشاور والقرار ومواكبة التنفيذ .
أيها السادة رجال دين وساسة علمانيين الحكم الرشيد هو صيغة حكم تأتي ردًا على البكاء المزيّف من على المنابر وتأتي ردًا على مسؤولين بائعي الضمير الوطني والإخلاقي والديني وتأتي ردًا على سياسة متوحشة ليست وليدة الديمقراطية كما يُشاع . بادروا اليوم قبل الغد ودافعوا عن مصلحة الجمهورية اللبنانية وبحماية صيغة العيش المشترك والمشاركة العادلة .
الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 14 تشرين الأول 2024