كتاب مفتوح لأصحاب الغبطة والسماحة الجزيلي الإحتـــرام

أصحاب الغبطة والسماحة المحترمين تحية عطــرة ، إنها خطوة جرئية أن تجتمعوا في صرحٍ أعطيَ له مجد لبنان عن جدارة وكان الأول لا بل السبّاق في تكوين الجمهورية اللبنانية في العام 1920 ، وإننا كعلمانيين متشبثين بأرضنا على يقين من أنّ تفاقم هذه الأزمة السياسية – الأمنية – الإقتصادية – الإجتماعية – الإنسانية التي تمُّر علينا هي نتيجة إهمال هذه الطبقة السياسية لواجباتها الدستورية والقانونية ولممارستها السلطة عن طريق العمالة للغريب … إننا في هذه المرحلة الحرجة ومن حُسنْ محبتنا للوطن نعتبر أنّ هذه الأزمة تحتاج إلى إجراءات حازمة وتدابير سريعة تلجم هذا التدهـور المختلف الإختصاصات الذي يُلقي بظلاله وبتبعاته الثقيلة على المواطنين المهددين بأمنهم ولقمة عيشهم وإستقرارهم الإجتماعي .

أصحاب الغبطة والسماحة ، نسمع صرخات كبيرة وموجعة وقلق وذهل عابر للطوائف والمذاهب وهذا الوجع هو نتاج هذه السلطة العفنة التي لا تتجرأون على مكاشفتها أو مخاصمتها أو مساءلتها ، شعبكم أصبح تحت خط الفقر ، تخت خط التهجير ، هذا الشعب يتطّلع إلى خطوات بنّاءة منكم أولاً لأنكم أصبحتم الملاذ الأخير له ثانيا فلا تحبطوه ببيان محشو بألفاظ لا تمتْ إلى الحقيقة السائدة ولا توصل إلى أي مسعى إيجابي …

أصحاب الغبطة والسماحة ، شعبكم يتطلع إلى خطوات منكم جريئة تعيد ثقة المواطن بدولته وبأجهزتها الرسمية المدنية و العسكرية ويريد منكم أن تُساعدوه على كشف كل سياسي عميل متواطىء على سيادة الوطن ، شعبكم يريد أن تساعدوه من خلال الكشف عن كل السياسيين المتلاعبين بالنقد الوطني والمسؤولين عن حجز المدخرات في المصارف والناهبين للمال العام لا أن تُجالسوه معكم على طاولة القرار أو تصطحبونه في جولات خارجية كالذي حصل في زياة العاصمة البريطانية … شعبكم يريد أن تساعدوه في القضاء على المحتكرين والمرتشين الذين جنوا الثروات الطائلة على حساب تجويع الناس وبنوا القصور وأنشأوا محميات على حساب الأوقاف الخاصة في المناطق النائية .

أصحاب الغبطة والسماحة ، إنّ المرحلة الخطيرة جدًا ويجب التعاطي معها بروح المسؤولية الدينية – الوطنية التي تستدعي التعالي على المصالح الخاصة وكتابة المذكرات والإقلاع عن السجالات وأن ترجموا بعصيكم وعمائمكم كل متاجر بأرواح الناس ومصيرهم وكل من جيّرَ السيادة لغريب مهما يكن هذا الغريب … سفينة الوطن عرضة للغرق وكل السياسيين أتباعكم أغرقوا الوطن في مستنقع الفتن والفوضى الذي أضرّ بالجميع ومن دون إستثناء .

أصحاب الغبطة والسماحة ، أين الضمير الإنساني ؟ أين مسؤوليتكم الروحية – الوطنية ؟ ألا تخجلون من الأوضاع القائمة ألم يتحرك ضميركم أمام الأمهات الثكالى والأرامل والأيتام والمنازل التي تقصف من دون رحمة ؟ أين هو ضميركم من تجيير السيادة للغريب ممّا أسفر عن تدمير الوطن ؟ ألم تساؤلوا هؤلاء الرؤساء والوزراء والنواب عن هذا التقصير الفاضح في ممارسة الدستور العشوائية ؟ بالله عليكم إتقوا الله ولا تتجاهلوا تعالميه الواردة في الكتب السماوية عملا بما ورد في الآية الإنجيلية التالية: ” ولتكن هيبة الرب عليكم ، فأحرصوا على إقامة العدل لأنه ليس عند الرب إلهنا ظُلمٌ ولا محاباة ولا رشوة” وعملا بما ورد في المصحف الكريم ” لا يَظلم الله الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يَظْلِمون ” .

أصحاب الغبطة والسماحة ، إنني من المؤمنين أن الصدق مفتاح الأخلاق والشخص السوي يحاول قدر الإمكان أن يكون صادقا مع نفسه قبل أن يكون صادقا مع الناس ، ومن غرائب هذه الأيام أننا إكتشفنا أن ساسة لبنان من فئة الكذبة والمحتالين وبائعي الأوهام ، واصبحنا كل يوم نعيش حكايات مع الكذب … إننا نعوّل على قمتكم هذه على أمل أن تخرج بخارطة طريق بنودها قابلة للتطبيق وأولها قضم هذه الطبقة السياسية الفاشلة وعدم دعمها وثانيا كونوا على ثقة أن الجمهورية تزخر بالآوادم والذين يبحثون عن التضحية في سبيل الوطن والذين يبحثون عن العدالة التي طال إنتظارها … لتكن قمتكم حلم يعطي معنى للرسالة الروحية والوطنية ولا تكون مسمارا دق في نعش الوطن والشعب ، ودمتم سندًا لكل شعب لبنان .

 

إبنكم : الدكتور جيلبير المجبِّرْ

 

 

 

فرنسا في 15 تشرين الأول 2024