مكتب الإعلام المركزي – باريس
إعصار السرقة في لبنان ضارب طنابو ….
مرحلة ما بعد إعتماد وثيقة الوفاق الوطني شابها العديد من الغموض على كافة المستويات منها السياسية – الأمنية – المالية الإقتصادية – الإجتماعية ، وهي مرحلة على ما يبدو حافلة بالأحداث والأزمات التي تحصل وخصوصا في هذه المرحلة والتي على ما يبدو لم يشهد لبنان مثيلاً لها على الأقل منذ إعلان دولة لبنان الكبير .
تقصدت في هذه المقالة وبعد إستشارة العديد من أركان الإختصاصات المالية إعداد تقرير مفصل بواسطة بضعة هذه الأسطر لنتائج الأزمة المالية العامة في وطني خصوصا في حقبة سوداء من لا قرار ولا أمن ولا إستقرار وكل هذه الأمور تتفاعل على كل المستويات السياسية – الإقتصادية – الإجتماعية وها نحن اليوم أمام أزمة مستفحلة تهرّبت الدولة من تبعاتها وعلى صعيد الخلل الذي نجم عن هذه الأزمة في مجال تهجير اللبنانيين من قراهم ناهيكم عن مواسم زراعية باتت في خبر كان .
أي مسؤول واعي يقبل بالأمر الحاصل ؟ أي مسؤول مؤتمن على دستور الوطن يقبل بتجويع شعبه ؟ أي مسؤول مؤتمن على سيادة الجمهورية وماليتها العامة يقبل أن تُفلّس خزينته بسبب السرقة الموصوفة التي هي من جنى أيديهم ؟ هذه السياسة المالية وهذه السياسة العامة وما سببتهما من نتائج مدمِّرة من أفدح الأضرار التي تلحق بالجمهورية اللبنانية من جرّاء تعاقب قوى سياسية مُطعمّة برجال دين خنوعين لا يعرفون معنى المحبة والعطاء ورسولية الفداء …
نعم وردتني تقارير مفصلة عن واقع الأزمات السياسية والمالية والإجتماعية التي تعصف بوطني وهذه التقارير أيها القارىء الكريم تُظهر كيفية نشوء السرقة وما حصل بعدها من عجــز في لبنان وأسباب هذا العجز وحجمه وعدم إيجاد طرق للتمويل إلاّ بالإستدانة والسمسرات ، كما تظهر هذه الدراسات النتائج الإجتماعية التي ترتبت على كل ذلك هذا إذا ما أخذنا بعين الإعتبار ما يترتّب علينا من أعباء جرّاء سياسة التدمير التي إنتهجت في السنوات الماضية وسياسة التهديد والوعيد التي كانت تحصل من قبل فصيل مسلح صادر كل مرافىء الدولة وغيّب قرارها الحر بحجة منظومة عسكرية إستهوته وأدت إلى تدمير ممنهج للجمهورية.
في إحدى فصول تلك الدراسات التي باتت بحوزة مكتبتي هنا تشير إلى أنّ الدول في المطلق ووفقا لمندرجات العلوم المالية كانت تتحسب ولها القدرة على تحقيق التوازن إلى حدٍ ما بين إيراداتها ونفقاتها ، لأنها تعمل وفقًا لفكر إقتصادي كلاسيكي ويفرض على الدولة أن تلتزم الحد الأقصى من الحياد في الشؤون الإقتصادية والمالية والإجتماعية ، وهذا الأمر لم يكن متوفرًا في دولة ما بعد الطائف التي سادتها المحسوبية والزبائنية والسرقة والعمالة .
يتبيّن من الدراسات الوافدة من مراكز أبحاث مالية أن الهدر في المالية العامة هو أحد أوجه الإنهيار لذلك في مقالتي هذه يجب عليّ كمتابع وكناشط سياسي – إجتماعي تسليط الضوء على ما كان يُعرف ب”سلفات خزينة” ، كونها على ما لاحظت إحدى الأبواب الرئيسية لذلك الهدر خصوصا وأن السلطات السياسية المتعاقبة إستسهلتْ إقرار سلفات الخزينة لتمويل إدارات ومؤسسات شبه تابعة لساسة الأمر الواقع ، والملفت أنه لم يجــــرِ إعادة جزء يسير من قيمة هذه السلفات ، وألفت نظر القارىء الكريم أن قانون المحاسبة العمومية يُقـــرْ بوضوح شروط السلفات والموجبات التي تُلزم بإعادتها ، وإلاّ فإنّ إقرارها لا يكون قانونيا . سؤال أطرحه على المُطالبين بإعادة إنتظام المؤسسات رجال دين وساسة : كيف يا سادة تغاضيتم عن سلفات خزينة أسهمت في زيادة الأعباء على مالية الدولة ومهدت للإنهيار ؟ هل يتجرّأ أحد منكم وإجابتي بالطبع لا لأنكم شركاء في السرقة رجال علمانيين ودين.
إعصار السرقة في لبنان ضارب طنابو ، من مجمل ما ورد في هذه الدراسات التي باتت بحوزتنا والتي وثقناها في مكتبنا المركزي ومكاتب الإنتشار يُشير أحد التقارير عن كيفية إبرام عقود إيجار وهمية بين المسترأسين المنتفعين وبعض التجار ومن ثم إبرام عقود بيع لاحقا للعقار المأجر، وتوثق هذه الوثائق بالتسلسل وبالأسماء كيفية قيام المسؤولين في بعض الشركات بهدر الملايين من الأموال خلال إبرام كل عقد . كل هذه الأمور سيأتي النظر فيها طالما أن الوثائق باتت بأيدي أمينة .
الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 18 تشرين الأول 2024