دائرة العلاقات السياسية – قسم الإعلام
ضمائركم سكنها إبليس
أيها السادة رجال دين وعلمانيين ، من خير الأعمال أن يشعر المسؤول تجاه شعبه بحَسْ المسؤولية ومن المفترض أن تعيشوا حالات القلق والهموم وإستنفاد الأفكار التي من شأنها أن تُريح شعبكم .ما أصعب من المسؤولية أن تتبوأ موقعا مسؤولاً وأن تكون أنت غير مُلِّم بأمور مواطنيك ولا مهتم بما يحصل من شرور للمواطنين … جميع من هم في سدّة المسؤولية اليوم ظاهريّون فقط ممثلون بإمتياز يأدون أدوار رئيسية في النصب والإحتيال والإنصياع للمال . ألم يقل الرب “لا تعبدوا ربيّن…” ؟ والأنكى أن رجال الدين والعلمانيي يدّعون أنهم أتقياء بينما هم من سكان مملكة إبليس .
أيها السادة رجال دين وعلمانيين ؛ معظمكم يعتقد أن المسؤولية وجاهة ومنصب شرف وهي يا سادة عكس ذلك . المسؤولية يا سادة خدمة شعب ، خدمة وطن ، محافظة على مؤسسات الدولة ، وظيفة نزيهة لا سمسرة و”تركيب طرابيش ” صاحب خدمة لا صاحب وجاهة وشأن وعربدة … سؤال أطرحه مع كل الذي يجري من سرقة مال الناس ، من تدمير مؤسسات الدولة الشرعية ، من تجيير السيادة الوطنية ، من بيع أوهام وافية ، من تطاول على القضاء والقوانين ، من فقدان الشعب اللبناني أبسط حقوقه المنصوص عنها في شرعة حقوق الإنسان : هل أنتم أصحاب شأن في ممارسة السياسة اللبنانية ؟ طبعا لا أنتم عملاء .
أيها السادة رجال دين وعلمانيين ، السياسة هي لخدمة الصالح العام وليست للتجارة ولقطع أرزاق الناس ، وليست مطيّة لوضع الساحة اللبنانية منصة لتبادل الرسائل والحروب بين دول لا تحترم أصول سيادتنا الوطنية ، وعدم إحترامها للسيادة يرجع لعدم كونكم رجال أشداء تحترمون أنفسكم وتحترمون المسؤولية الملقاة على عاتقكم ولأنكم عملاء وساقطين . كيف تقيّمون أوضاعكم في المجلس النيابي ، في الحكومة ، في رئاسة الجمهورية ، في المحافل الدولية ، في المحافل الدينية المسيحية والإسلامية ؟ الجواب واضح إنكم تصلحون أن تكونوا أمام القضاء ليُبنى على الشيء مقتضاه؛ إستتروا .
أيها السادة رجال دين وعلمانيين ، ليكن معلوما لديكم أن من يشعر بالمسؤولية أو من أوكلت إليه مسؤولية رسمية عليه أن يكون على مستوى هذه المسؤولية وقدرها وعليه أن يعلم أنه ليس بإستطاعته إعفاء نفسه من ممارستها وفقا للأصول الدستورية والقانونية ، وإلا يكون “بلا ضمير ووجدان”. إنّ الساسة أصحاب الضمير والواجدان يشعرون بالسعادة والفخر والإمتنان عندما يكون سعيهم وكدهم من أجل الشعب وليس من أجلهم كما أنتم فاعلون وكما أنتم تمارسون … إنكم بأدائكم أصبتم مقتل الشعب والوطن والمؤسسات ، إنكم الحرام بحد ذاته .
أيها السادة رجال دين ومسؤولين علمانيين ، عموما إبتلينا في الجمهورية اللبنانية بمسؤولين روحيين وزمنيين وصلوا فيه إلى المواقع الروحية والزمنية الحساسة لا إحساس عندهم ولا ضمير ولا خوف من رب العالمين ، لا يخافون صوت الضمير سكنهم إبليس ، يعملون من أجل مصالحهم الخاصة ، ومن أجل أنصارهم ، ومن أجل الزنى السياسي ، وكم منكم زنى سياسيا على كافة المستويات وفي المراكز الحساسة !!! مقالتي ليست محصورة فقط بكم ، بل تشمل الرأي العام الخنوع المِطواع الذي يقبل تصرفاتكم والذي يسلك خطاكم الخطيرة … هل يعي هذا الرأي العام خطورتكم على الأجيال الصاعدة ؟! الجواب كلا ولا حاجة لتبرير ال “كلا” لأنه أعادكم كما أنتم عددا ودمى في أخر إنتخابات والؤسف أن مرجعا دينيا طالب الإقبال بكثافة على الإقتراع ، هل يعي هذه الخطيئة أم “بدير دينة الطرشا … كما تجري العادة” .
أيها السادة رجال دين ومسؤولين علمانيين ، إنّ إصلاح العمل السياسي في الجمهورية اللبنانية له مدخل واحد من خلال الضمير المسؤول الذي تفتقدونه ، وأتحداكم روحيين وعلمانيين أن تبرهنوا عكس ما أقوله على إعتبار ما يحصل من فظاعة الأحداث التي هي من نتاجكم ، فلا تتذمروا يا أيها الذين سكن إبليس ضمائركم إتقوا الله وإرحلوا رحمة بالجمهورية اللبناني وبالشعب اللبناني.
الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 29 تشرين الأول 2024