الدبلوماسية الفرنسية وأبعادها الإقليمية الدولية اللبنانية

مع كل إحترام وتقدير لكل الجهود التي تُبذل من أجل إحلال السلام في لبنان والدول المحيطة ، ولكن على الدبلوماسية الفرنسية أن تعي أنّ لُبْ المشكل في الجمهورية اللبنانية هو الخطر الناتج عن التدخلات الخارجية لدولة إقليمية المناهضة لقانون العلاقات الدولية الذي يرعى أصول العلاقات الدبلوماسية بين دولة ودولة وليس بين دولة ومكوّن سياسي يُغذّى بالمال والسلاح وبالتالي يُهدِّد السلم الأهلي المحلّي والإقليمي .

إنّ السيادة الوطنية اللبنانية هي بقاموسنا الوطني من أبرز القضايا التي هي من حيِّزْ إهتماماتنا خصوصا في هذه المرحلة الحرجة إذ أنها تتجاوز من حيث أهميتها وتأثيرها في العلاقات اللبنانية – الإقليمية – الدولية أي نزاع أو مصالح إلى حدٍ بعيد . لذا ومن خلال مقالتنا هذه نتمنى على الدبلوماسية الفرنسية مقاربة الموضوع اللبناني من النواحي الإيجابية – السيادية ، وليس من نواحي المصالح الخاصة على ما أظهرته الوقائع أثناء إنفجار مرفأ بيروت المعروفة ب”جريمة العصر” . معالجة هذه الجريمة لا تكون على طريقة خذ وأعطي . فالمشكلة أكبر من مصالح الدول ومن أبعادها التجارية والتوافقات ذات المصالح الخاصة التي طفت على المسرح السياسي اللبناني … ما نقوله وثقته أكثر من وسيلة إعلامية بالأدلة الدامغة التي أفصحت عن إتفاق كان سيحصل بين السلطات الفرنسية ومكوّن لبناني على حساب أولاً السيادة الوطنية وثانيا على حساب كشف حقيقة ما حصل من تدمير للعاصمة بيروت مرفقا بأكثر من مئتي قتيل وجريح … هذه الجريمة النكراء لا تعالج بتسويات من “الأم الحنون”.

قد يكون من السهل إيجاد المبرر لإعتبار قضية لبنانية وطنية بهذا الحجم والضخامة موضوعا جديرا بمزيد من البحث على المستوى الدبلوماسي لو لم تكن متعلقة بالسيادة والأزمة الوطنية في هذا الشرق المُلتهب والتي تتصارع على الهيمنة عليه بعض الدول الفاعلة على مستوى مسرح السياسي المحلي الاقليمي الدولي والتي هي بالنسبة إلينا كلبنانيين ومناضلين شرفاء متحررين من التبعية والإرتهان والعمالة موضوع أبحاث ومناقشات لا نهاية لها . وبالتالي المنطق الدبلوماسي يفترض أن تكون الدبلوماسية الفرنسية على دراية بهذا الموضوع الدقيق وأن تسعى مع اللبنانيين الغير متأثرين بالعمالة والمصالح الخاصة مشاركتهم في هواجسهم والغاية هي المصلحة اللبنانية العليا للجمهورية اللبنانية . لأنّ الجمهورية اللبنانية في حالة الإرتهان هي حتما عبء على المجتمع الدولي والإقليمي والأحداث الحاصلة اليوم هي خير دليل على ما نقوله .

غرضنا من مخاطبة الدبلوماسية الفرنسية شريف ووطني وإلتزام بحُسن العلاقات الدولية والإقليمية ، كما هو تحقيق في الإفتراض الراسخ بأنّ الجمهورية اللبنانية يجب أن تكون بمنأى عن سياسة المصالح الخاصة ، وهذا يعني أنّ هناك مطلبا يجب أن تأخذه بعين الإعتبار الدبلوماسية الفرنسية وهذا المطلب يرتكز على سياسة وطنية لبنانية صرفة مستقلة وعلى سياسة أمن ذاتي بناء على قانون الدفاع الوطني الذي يلزم في مادته الأولى السلطة السياسية ممارسة حماية لبنان بواسطة قواه الشرعية فقط وسياسة إقتصادية تعاونية مرتكزة على الشفافية والإلتزام الخلقي في ممارسة الحياة الإقتصادية كي لا تبقى الجمهورية اللبنانية عبء على المجتمعات العربية والغربية .

أسئلة عديدة أطرحها بإقتضاب على الدبلوماسية الفرنسية الصديقة أولها : ما هي المقررات الدبلوماسية الفرنسية بشأن أضعاف لبنان والتدخل الإيراني العسكري ووضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي ساحة حرب ، وهل كانت الخطوات الدبلوماسية الفرنسية مبررة بعد إنفجار مرفأ بيروت و في هذه المرحلة من نقل الصراع الإيراني – الإسرائيلي إلى الأرض اللبنانية ؟ ثانيا ما هي المصالح الفرنسية في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط ؟ وهل إتخذت الدبلوماسية الفرنسية إجراءات مضادة لأي من هذه المصالح في ضوء ما يحدث من خراب على أرض لبنان وتجاه الميليشيا التي إستحدثتها إيران والتي تسببت بهذه الحرب التدميرية؟ ثالثا – هل هناك حوافز للدبلوماسية الفرنسية تؤثر في صياغة السياسة الفرنسية الخارجية تجاه المعضلة العسكرية – السياسية – الديموغرافية التي تحصل على الأرض اللبنانية ؟ – رابعا هل لدى الدبلوماسية الفرنسية دراسة نظامية للسياسات المعتمدة في لبنان لإظهار بعض العوامل المحلية التي كان لها تأثير عظيم في تكوين ما يحصل في لبنان وما هو موقفها من هذه السياسات التي تسهم في ضرب السيادة الوطنية ؟ المطلوب اليوم من الدبلوماسية الفرنسية إعارة الإهتمام لعملها في لبنان .

 

الدكتور جيلبير المجبِّرْ

 

 

 

فرنسا في 4 تشرين الثاني 2024