نحــــــــــــــو إعلام صادق نزيه شفّاف صاحب دور ريادي في لبنان والعالم
تطالعنا بعض وسائل الإعلام سواء أكانتْ مرئية أو مسموعة أو مقرأوة وخصوصا مواقع التواصل الإجتماعي التي كانت نالت من المجلس الوطني للإعلام ترخيصا مؤقتا ببعض المعلومات المغلوطة ما تفتك أن يُعرف المضمون منها ألا وهو التعمية على الحقيقة أو نشر معلومات مغلوطة غايتها تضليل الرأي العام ، وفي بعض الأحيان يلجأ أصحاب هذه المواقع لأسلوب الإبتزاز المادي والمعنوي لغايات باتت معروفة ، وهذا الأسلوب يتناقض وقانون الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب .
لمعرفة مكامن هذه الأزمة التي يُعاني منها الرأي العام وأغلبية البعثات الأجنبية العاملة على الأراضي اللبناني أو في عالم الإنتشار يجب النظر إلى المسار الإنحداري الذي تعانيه وسائل الإعلام منذ العام 1990 وما تلاه… والسبب أنّ المعنيين لا يطبقون ما صدر في المرسوم الإشتراعي رقم 104 بتاريخ 30 حزيران 1977 والذي تم بموجبه تعديل بعض أحكام قانون المطبوعات . ودام مفعول هذا المرسوم الإشتراعي رقم 1/1977 لغاية العام 1986 ، والجدير بذكره أن هذا المرسوم طبّق في مناطق وأهمِلَ في أخرى .
إن الوضع القانوني وحرية الإعلام أي بما معناه حرية التعبير عن الرأي وحرية الإعلام في الجمهورية اللبنانية مكرّس بشكل جد ممتاز وواسع وفقا للمادة 13 من الدستور اللبناني عملاً بما يتضمنه ميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية أو بما تتمضنه المعاهدات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإعلان الأونيسكو لجهة دور الإعلام في تثبيت الأمن . كل هذه القوانين تنص على حريات تصب كلها في حرية الإستعلام والإعلام إنطلاقا من الحق في المعرفة … هنا يكمن سؤال جوهري وبرسم المعنيين رسميين وعاديين : هل يتم التقيّد بما أشرنا إليه ؟ الجواب يبقى للقارىء العزيز .
من الضرورة التذكير بأن ما نصت عليه المادة 13 من الدستور اللبناني لجهة إبداء الرأي فهي جهة إبدائه قولا وكتابة مضيفة حرية الطباعة وحرية الإجتماع وحرية تأليف الجمعيات ولكن هذه الحرية يجب أن تكون مقيّدة بالقوانين السيادية للجمهورية اللبنانية والحاصل اليوم أنّ الأمور معكوسة تسود الزبائنية الإعلامية وبات الإعلام مراكز للتضليل ولتسويق أفكار مستوردة من الخارج وكلها تعمل من أجل ضرب مقومات الجمهورية اللبنانية وتضليل الشعب اللبناني . إنّ على وسائل الإعلام وبأسرها إنْ أرادت ممارسة الإعلام عليها ممارستها حكما ضمن دائرة القانون وأن تمعن النظر في ما يتيحه لها أو يمنعها القانون في ممارستها لها لأن في ذلك توازن وضعه المشترع لضمان عيش مستقر ، ولكن للأسف هذا الأمر غير موجود في لبنان وتنعدم الرقابة الإعلامية من أعلى المراجع الرسمية وإلا فليتفضلوا ليشرحوا لنا كيف يسمحون لنواب ووزراء وأشخاص يتعاطون الشأن العام أن يُضلّلوا هذا الرأي العام وبالتالي حكما التأثر بما يقوله هؤلاء وما تحدثه تصرفاتهم على أرض الواقع من مشاكل ولا حاجة لي للتذكير لأكثر من حدث أمني ذهب ضحيته أبرياء .
في لبنان وللأسف ولست في معرض زر الرمال في العيون بل إني أسعى جاهدا لتوصيف حقيقة نعيشها وغاية هذا التوصيف ترتيب الوضع الإعلامي ، لأننا في جمهوريتنا خرجنا عن هذه الحدود (القوانين المذكورة أعلاه)، وقد تحولت وسائل الإعلام إلى مجتمع غير منظم يأخذ الحق بالذات وشريعة الغاب ومقولة الأقوى يفترس الأضعف ، بينما الأوطان التي زرناها لمسنا فيها حماية القانون وتعودت على ممارسة الحقوق بالإستناج إلى القانون وبالوسائل القانونية . أين نحن اليوم من هذه الأمور ؟ دائما الأجوبة برسم المعنيين .
ما نطلبه عبر هذه المقالة الوعي كل الوعي لأننا بتنا مؤسسات “دعارة إعلامية – سياسية ” لهذا الأمر يجب أن يسود حكم القانون لكي تعود وسائل الإعلام إلى طبيعة عملها كما تنص عليها القوانين .
الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 4 تشرين الثاني 2024