دائرة العلاقات السياسية – قسم الإعلام

كباش العلاقة الفاتيكانية الفرنسية

من حيث المبدأ تعتمد الدولة الفرنسية قانون الفصل بين الكنائس والدولة الرسمية منذ العام 1905 ، وفي أغلب الأحيان تكون العلاقة متوّترة مع كل بابا يرأس دوائر الفاتيكان فعلاً إنها خيبة أمـل من تراجع نفوذ المبدأ الكاثوليكي لدى الدولة الفرنسية ،وما الإلتباس الحاصل بين حاضرة الفاتيكان والرئاسة الفرنسية على خلفية إعادة تدشين كنيسة Notre Dame De Paris خير دليل على ما نوّصفه في مقالتنا المقتضبة والتي نرجو من خلالها أن تكون هذه الحادثة خاتمة لكل العلاقات المتوّترة القائمة منذ سنين.

قمتُ ودائرة القسم الديني في مؤسستي بإجراء بحث مقتضب عن علاقة البابا الحالي (البابا فرنسيس )، والدولة الفرنسية فتظهّر لي أن هناك تزايد في المواقف المتشنجة بين حاضرة الفاتيكان وفعليًا كَبُرَ هذا الخلاف عندما أعْلِنَ عن تولية البابا الحالي في العام 2013 والذي يتحدّر من أصول أميركا الجنوبية وهو مشهور بإهتمامه بدول الأطراف وهذا أمر يُزعج السياسة الفرنسية التي تعتمد قانون الفصل .

بالعودة إلى سوء التفاهم الحالي أحاول التذكير أن البابا الحالي يعتبر أن الدولة الفرنسية ليست أولوية حيث يعتبر أنّ أكثر من نصف الكاثوليك وتبلغ نسبتهم ما يُقارب ال80% في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية … كما يُشاع أن البابا بنيديكتوس السابق كان منشغلاً بالإهتمام في الكاثوليك إنطلاقًا من كل قارة أوروبا ، أما الحاصل اليوم فيُظهِّرْ أن البابا فرنسيس يعتبر أن فرنسا أو أوروبا ليست مشكلته إزاء تراجع المسيحية في هذه القارة .

أيضًا وأيضًا ومن خلال متابعة تاريخية لتحركات البابا فرنسيس البابا الأرجنتيني يتبيّن أنه في مرحلة حبريته لم يزر فرنسا إطلاقًا وهذا الأمر على ما يبدو خلق إستياءً لدى الشعب الفرنسي الكاثوليكي ويعتبرون أن هذا الأمر يصب في خانة تهميشهم . والواضح أن الكاثوليك الفرنسيون أصبحوا أقلية مثل أي أقلية أخرى … والمشكلة أن البابا الحالي لم يقم بالزيارة المطلوبة ، والأهم في الأمر أن هذه الأقلية الكاثوليكية هي بحاجة ماسة فعلا لزيارة الحبر الأعظم لكي يشجعها على ممارسة الفضائل الدينية . علما أن البابوين السابقين ( يوحنا بولس الثاني – بنيدكتوس ) زارا فرنسا .

من المشاكل المتراكمة بين البابا الحالي والإدارة الفرنسية المتمثلة بالرئاسة الفرنسية هناك فرض قيود على السماح بالقداس باللغة اللاتينية على نطاق واسع وهذا ما أدى إلى تفاقم النقمة إضافة إلى أن البابا فرنسيس في أحد تصاريحه للإعلام تحدث بعبارات قاسية عن الدول التي لا تستقبل المهاجرين غامزا من قناة الدولة الفرنسية وسلطاتها ، وكما إنزعاجه من عدم السماح ب عدم السماح باللغة اللاتينية .

من الطبيعي أن يُقاطع البابا فرنسيس حفل تدشين الكنيسة لأن هناك علاقة يشوبها الإرتياب وخيبات الأمل المتبادلة بين البابوات والجمهورية الفرنسية وهي على ما يبدو جزء من تاريخ يعود إلى ألاف السنين . ودائما بالعودة إلى وثائق تاريخية ألفت نظر القارىء لما قاله الحبر الأعظم أثناء زيارته لمرسيليا في العام 2013 ، ” سأزور مرسيليا وليس فرنسا والمشكلة التي تشغلني هي مشكلة البحر المتوسط في إشارة إلى مسألة الهجرة .

إن كباش العلاقة الفاتيكانية – الفرنسية وفي عودة إلى وثيقة تاريخية حيث تضمنت محادثة خاصة بين البابا فرنسيس وماكرون في ردٍ قارس لماكرون إذ قال قداسته :”ما زلت على قيد الحياة ” وأتت هذه الإجابة ردًا على سؤال طرحه الرئيس الفرنسي على قداسته وهنا يظهر عدم عامل عدم الثقة بين المرجعيتين .

في أخر لقاء بمناسبة تجمع الإكليريكيين في فرنسا توجه البابا عبر أمين سر دولة الفاتيكان بييترو بارولين ولم يحضر بما يلي”أمنحكم فيض البركة الرسولية وحماية العذراء مريم “.

الدكتور جيلبير المجبر

 

 

 

فرنسا في 19 تشرين الثاني 2024