دائرة العلاقات السياسية – قسم الإعلام

أدائكم أيها الساسة أطاح بالإستقلال وبالمؤسسات

يوم الجمعة 22 تشرين الثاني 2024 هو ذكرى الإستقلال ، ومنذ سنوات يشوب هذه الذكرى العديد من التشوهات في الجمهورية اللبنانية ، والواضح لكل ناشط وأكاديمي أن هناك علاقة شائهة بين الذين يُمارسون النظام والشعب ، وهي العلاقة التي سمحت لهؤلاء الساسة بغض النظر عن تطبيق القوانين دون دراية كافية بقواعد العمل السياسي ، وأكثر من ذلك يعرف السياسي أنّ الشعب لا يستطيع محاسبته لأنه لا يمتلك الأدلة والبراهين بسبب التضليل الممارس والذي يحجب الحقيقة عنه ويحولها إلى مسار أخر .

كل سنة تأتي ذكرى الإستقلال لتعزز حالات الإنهزام والتشوّه السياسي – السيادي حيث أغوت أضواء العمالة الكثير من الساسة بالعمل السياسي ، كما أغوت أجواء الرأي العام وحُجِبَتْ عنه حقائق العمالة . يمكن القول وإستنادًا للواقع الأليم أنّ هذا الأداء المقيت طبيعي في بيئة سياسية عميلة للخارج تتناطح لتغليب مصالح الخارج على حساب السيادة الوطنية ومؤسسات الدولة وفي طليعتها المؤسسات الأمنية المناط بها دستوريا وقانونيا المحافظة على السيادة الوطنية والإستقلال التام والناجز .

كما تجري العادة أسبوعيا أزور دبلوماسيًا صديقا وفي هذه الزيارة حرص الدبلوماسي على تنبيهي إلى ضرورة قول شيء عن واقع الجمهورية اللبنانية وطريقة أداء مسؤوليها ، كما ضرورة إيجاد مخارج قانونية لإعادة الإستقلال للجمهورية . إلا أنه أفضى في إنتقاد منهج المحاصصة والطائفية في وطننا معتبرا أن ما نعيشه اليوم من عدم سيادة ومن حالة إستقلال مزّيفة أساسه هو سوء الإدارة السياسية التي تتحكم بمفاصل الجمهورية اللبنانية .

ذكرى 22 تشرين الثاني 2024 ذكرى أليمة ومفجعة وقد بينّت الوقائع والوثائق في أكثر من موقع لبناني وعربي ودولي أن الأزمات المتتالية التي تعرض لها لبنان وما زال وخصوصا الأزمة الأمنية الحالية يكمن سببها الرئيسي في إعتماد نهج الكذب والرياء وبيع الأوهام وضرب مقومات السيادة الوطنية والطائفية والمذهبية وأكثر من ذلك فالحقيقة يجب أن تُقال الساسة اللبنانيّون الحاليون خصوصا أسهموا في ترسيخ مبدأ العمالة وضرب مقومات السيادة وتغذية الطائفية والمذهبية وإطلاق المنظومات السياسية التي لا دخل ل لبنان بها حتى ليس له أي قدرة لتحمّل تبعاتها .

هذا النهج المخالف لأبسط القواعد الدستورية وللقوانين المرعية الإجراء ولحرية الإنسان تسبب في سوء الإدارة وتغييب السيادة عن مضمونها الحقيقي ، والأسباب عديدة أذكر منها على سبيل المثال : الأداء الغير كفوء – مؤسسات الدولة المترهلة – ساسة عملاء – التفريط في الكفاءات الوطنية – الإعتماد على عمالة الخارج – سرقة أموال المودعين – تجيير السيادة على حساب الإستقلال الحقيقي – تزوير الوقائع الإستقلالية … كل ذلك حصل على حساب السيادة الوطنية وعلى حساب الإستقلال .

ذكرى 22 تشرين الثاني 1943 ، كانت ذكرى مجيدة لكن إعتماد نهج العمالة والمحاصصة والسرقة وقلة الضمير دونما تكريس المبدأ الإستقلالي وتأمين الغطاء القانوني لممارسة وطنية شريفة ، والأكثر من ذلك من أن أخذنا الإستقلال تناوب على السلطة ساسة إعتمدوا عمدا على التفريط بمبدأ السيادة الإستقلالية وبمبدأ الفصل بين السلطات وكانت النتيجة أن تداخلت الصلاحيات ولم تسلم السيادة الإستقلالية من الأذى المادي والمعنوي .

ذكرى 22 تشرين الثاني 1943 ،كانت النتيجة ميثاق وطني إتفق على تطبيقه العنصرين اللذين يتألف منهما لبنان على إنصهار نزعاتهما في عقيدة واحدة : إستقلال لبنان التام الناجز من دون الإلتجاء إلى حماية من الغرب ولا إلى الوحدة أو إتحاد الشرق ، حبذا لو طبق ساسة الأمر الواقع لكنا اليوم بألف خير . أدائكم أيها الساسة أطاح بالإستقلال ، سنسعى لكل ما أؤتينا من جهود وعلاقات لإعادة إستقلال الجمهورية اللبنانية ولإعادة بناء مؤسساتها بشكل عصري ومنع أي تدخل في شؤونها .

 

الدكتور جيلبير المجبِّرْ

 

 

 

فرنسا في 22 تشرين الثاني 2024