لا يبدو الدكتور جيلبير المجبر من هواة اللعبة السياسية اللبنانية الداخلية والتي أصبحت أضحوكة على كل شفة ولسان وهو بذلك يغرد خارج منطق هذا السرب السياسي العفن والذي أكل عليه الدهر وشرب وأغلبية الشعب اللبناني تقف الى جانب هذا المنحى المتجدد في التعامل مع الشأن العام شأنه شأن الجيل اللبناني الصاعد الذي يريد رغم كل المآسي مجابهة هذا العمل السلطوي المتوارث من الجد الى الأب والابن ثم الحفبد وكأن البلاد والأوطان مجرد مزرعة للبقر الحلوب يجني من خلالها أهل السلطة طوال عقود من الزمن الارباح والنفوذ وصولا الى التسلط .
لا ليس في تربية الدكتور المجبر ولا في نشأته بين أهله من كل هذا وهو أراد من خلال أعماله وتعبه في الغربة التطلع نحو عملية بناء الانسان مهما كان شكله وانتمائه السياسي أو الطائفي والمذهبي فاستطاع بواسطة ساعديه أن يعطي باليمنى ولا تعرف اليسرى شيئا من هذا كله ، ولم يكن الشأن العام طريقا أو سبيلا للوصول للغاية وهو المؤمن أنه ليس كل غاية تبررها الوسيلة وهذا مبدأ مرفوض بالمطلق وفق خلفية ما استقاه وغرفه من منزل أبويه وما جمعت يداه من التعب والعوز ، وانطلاقا من هنا لا شيء يقارب اليه العمل السياسي بمقدار ما هو نظيف وغير مستتبع ولو أراد غير ذلك لكان قد ركب في أول بوسطة انتخابية كما حصل ويحصل في لبنان حيث المال يشتري الضمائر وينسى أنين المرضى والمعوزين بل سار عكس البوسطة ورياح التبعية وبنى لنفسه برجا ملؤه الاخلاق واحترام الغير ومساعدة كل محتاج وهذا ما قدٓره الله على فعله وكأنها رسالة من فوق تساعده على تخطي الأنا والشوفانية والتكبر ، والى جانب هذه الشخصية التي عمل عليها طوال سنيه كان له باع طويل في مسألة لا يمكن للجميع أن يمتلكها وهي صفة الرؤية المستقبلية من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث كان سبٓاقا في في رؤية المشهد السياسي في المنطقة ومن خلاله في لبنان ولعّل ما أدرجه من تصريحات محذرة منذ أكثر من اسبوعين لفت اللبنانيين جميعا الى خطورة الوضع الحكومي وامكانية حصول فراغ حكومي وهذا ما حصل بالفعل في حين كان أهل السلطة والمرشحين يتراكضون بين الأزقة والقرى شحذاً للأصوات في حين كان يرى وينصح أصحابه بأن الانتخابات بعيدة المنال فظن البعض أن لديه مآرب خاصة ، أما وقد ذاب الثلج وبان المرج كان الأحرى بالذين قدم اليهم النصح أن يخجلوا من أنفسهم قبل أن يعطوه حقه في القراءة البديهية للعمل السياسي الذي أعطاهم إياه مجانا .
لا شيء يدعو الى فعل الدعاية لأحد بمقدار تلمس الآخر عن قرب والأمر هذا وما فوقه من الكلام ليس فعل تقديم أوراق اعتماد لا للمجبر أو غيره بمقدار ما هو تشجيع لذوي النوايا الحسنة والقريبن من : الله والانسان ومحبة الآخر .
ليس ما تقدم تصريح سياسي ولا خطاب انما أقل الايمان اعطاء القليل لمن يعطي الكثير حتى ولو لم يرد هو كذلك .
عيسى بو عيسى