دائرة العلاقات السياسية – قسم الإعلام

أيها القادة الزمنيون والروحيون حكّموا ضميركم

يا شعب لبنان المعذّب ، في وطني لبنان حيث تعيشون الجحيم السياسي تعد ظاهرة كثرة الأراء والتيارات السياسية أمر ملفت ولكن لا بركة يُرتجى منها ، خاصة خلال الأزمة العسكرية الحاضرة التي تعصف بوطننا والتي أسفرت عن تشريد المواطنين من بيوتهم وقراهم عدا عن القتل والتدمير المُمارس والسبب في ذلك يعود إلى من يتوّلون زمام الأمور السياسية سواء أكانوا ساسة علمانيين أو رجال دين . هذا الأمر يؤدي إلى ثابتة واحدة أنّ هؤلاء جميعا يفتقرون إلى النضج السياسي والديني الناجم عن مفاعيل الإستبداد المزمن في الحياة السياسية والدينية وإفتقار الفواعل السياسية عامة إلى المناقبية السياسية .

يا شعب لبنان المعذب ، المناقبية التي أقصدها ليست نوعا من الطاعة أو الرهبة بقدر ما أقصد تطابق الكلام – العظات – الخطب المواضيع فعلاً وقولاً كما إتساق الموقف السياسي مع الموقف الفكري الخُلُقي وحتى مع الشفافية والمصداقية في العملين السياسي والديني . كما الحاجة إلى الإقرار بالإختلاف بالرأي أو النقص في المتابعة والحق في إيصال أفكار المناضلين إلى كافة الصروح العلمانية والروحية ، هذا العمل ممنوع من أن يتخطى أي عتبة من عتبات هذه الصروح لأنّ القيمين عليها أقفلوا محجات الحوار ورفضوا بالتالي سماع صوت الحق … وكم من مرة نبّهت مكاتبنا عن الأخطار التي تحدق بوطننا وشعبنا عبر بيانات وكتابات وإجتماعات ولكن صمّت أذان هؤلاء القوم عن سماع صوت الحق .

يا شعب لبنان المعذب ، عليّ أن أطرح بكل موضوعية ما حصل معي هنا في فرنسا عندما زرت مرجعا دبلوماسيا طالبا منه دعم الموقف اللبناني إزاء رفض الحرب الدائرة على الأرض اللبنانية ، فكانت إجابته الدبلوماسية على الشكل التالي :” أيها الصديق العزيز لنأخذ على سبيل المثال موقف حكومتكم من الذي يحصل من إنتهاك لسيادتكم الوطنية ، ويكاد يتفق معظم وزرائكم على أن مسؤولية هذه الحرب تقع على عاتق دولة إسرائيل ويتناسون السبب الذي سمح لإسرائيل بمهاجمة لبنان . هذا الموقف يتمايز من حيث طبيعته من المواقف الدولية التي أدانت كل من الدولة اللبنانية ودولة إسرئيل ، لأنّ دولتكم لم تحترم مندرجات القرارات الدولية وخصوصا القرار 1701 لناحية منع إقامة مناطق عسكرية معادية لدولة إسرائيل ، وبالتالي سمحت دولتكم بإقامة مراكز عسكرية تابعة لحزب الله مع العلم أن قوات اليونيفيل كانت على الدوام تنبه الدولة اللبنانية عن إقامة هذه الترسانة العسكرية ولكن كان يأتي الجواب دائما أن هناك معلومات مغلوطة من قبل قوات اليونيفيل ناهيك عن تصاريح مسؤولي حزب الله بتدمير إسرائيل علما أن دولة إسرائيل ليست معفية من المسؤولية إذ كان بإمكانها رفع شكوى لمجلس الأمن لإظهار الخروقات القائمة والتي أدت إلى هذه الحرب … سيدي أنتم تتحملون المسؤولية وليس بإستطاعكم إنكار ذلك الأمر ، فتشوا عن السبب وداووا أزمتكم وإلا ستظلون بهذه الدوامة القاتلة …”

يا شعب لبنان المعذب ، القوى السياسية والقوى الروحية التي تدّعي التقية في ممارسة الدين والسياسة غائبة عن السمع وتتخبط بمشاكلها منها دنيويّة ومنها سياسية ومنها إنسانية ، وهي تخاف من مقاربة الأمور بحقيقة ساطعة تراوغ تُساير تتراخى مطواعة وعندما أحست أنها فاشلة إنتقلت من المجاهرة في إظهار مواقفها الخجولة من الأحداث إلى ممارسة الهروب من الوقائع التي هي في العمق من نتاج فشلها وعقمها الفكري وقلّة فهمها للأمور الوطنية والسياسية … وها هي مستمرة على نفس الطريق غير آبهة بما يحصل وتكتفي بالإستقبالات والتوديعات وسرق أموال الناس والمساعدات التي تصل إلى اللبنانيين.

يا شعب لبنان المعذب ، عليكم وبصيغة أخوية الوقوف سدا منيعا في وجه هؤلاء القادة الروحيين والزمنيين والمطالبة بمطلب واحد لا ثان ألا وهو : أيها القادة الروحيون والزمنيون بما أنكم فشلتم في إدارتنا على المستويين الديني والسياسي بالله عليكم إستقيلوا لكي نعيد إنتاج سلطة سياسية وروحية مخلصة للأديان السماوية وللوطن وللشعب … بالله عليكم إرحمونا وإرحلوا .

 

الدكتور جيلبير المجبِّرْ

 

 

 

فرنسا في 9 تشرين الثاني 2024