دائرة العلاقات السياسية – قسم الإعلام

لبنان جمهورية مغلوب على أمرها واقعها مرير

زرعت كالعادة أحد الدبلوماسيين الأجانب هنا في باريس مستطلعا واقع الأحوال والأمور التي تحدث على الساحة اللبنانية إنطلاقا من كوني لبناني مغترب حائز على الأهلية القانونية وراغب في إقامة حوار فكري – أكاديمي يُثمر مؤتمرًا محليا عربيا دوليا لدرس فكرة إعادة الجمهورية اللبنانية إلى الخارطة العالمية كونها أصبحت في واقعها الحالي عبئًا على العالم وساحة لتبادل الرسائل بين دولتين إقليمتين يتصارعان على أرضنا وباتا يهددان سلامة المواطن اللبناني . القتال الدائر بين دولتين إقليميتين على أرضنا لا يعفي المسؤولين اللبنانيين من المسؤولية ، بل من الواجب في مرحلة قريبة مساءلة هؤلاء القادة عمّا فعلوه لمنع إندلاع الحرب على الأرض اللبنانية ولكن وفق وجهة نظري المسؤولية إستنادا للدستور تقع على عاتقهم وإنهم غير معفيين من إحالتهم إلى القضاء ليُبنى على الشيء مقتضاه.

في ملخص عن زيارتي للدبلوماسي الصديق تداولنا في العديد من الأمور أولها أداء الساسة اللبنانيين وطريقة إدارتهم للدولة وشمل هذا التداول كل مراحل العملية السياسية اللبنانية حيث تبيّن لي أن سعادته مُلِّم أكثر من أي مسؤول بباطن الأمور ويعرف تماما ما يجري في المطابخ اللبنانية وما بين المسؤولين اللبنانيية حتى وصل لحد أن كشف لي ما كان يدور في الكواليس أثناء صياغة أو إقرار قرارات ما من شأنها إطالة فترة بقائهم في السلطة وكلها على حساب الدولة ومؤسساتها والشعب . “في العلن يقولون أمرا ما وفي السر يتوافقون على بتر السيادة الوطنية وإحالتها لكل من يدفع لهم أكثر ولكل من يغدق عليهم بالأموال وبالمصالح الخاصة كتأسيس الشركات والمصالح في دول معينة مقابل سكوتهم عن أمور مهمة ألا وهي : السيادة المجيّرة – النازحين السوريين – اللاجئين الفلسطينيين – النظام الغير ديمقراطي ” . ما قاله الدبلوماسي أقرب ما يكون إلى الواقع القائم اليوم والذي يعاني منه كل مواطن لبناني ،والمشكلة أننا لا نستطيع في الوقت الحالي إلا مراقبة الوضع والترقب ريثما تسنح الظروف.

لبنان جمهورية مغلوب على أمرها إستنادا لمعايير علمية مثل ضعف المؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية ، كما عدم قدرة النظام اللبناني من بسط سيطرته على كامل ترابه الوطني ، وإفتقاره لمعايير تقديم الخدمات الأساسية ، وعدم الإستقرار السياسي وإنهيار سيادة القانون وإنعدام الأمن والنظام ، وإرتفاع معدلات الجرائم والبطالة والهجرة والقتل والتشريد والتدمير … كلها من إنتاج سلطة فاقدة للحس الوطني غير قادرة على القيام بأبسط مسؤولياتها خصوصا في مرحلة إعلان الحرب بين دولة إيران ودولة إسرائيل على أرضنا ، إضافة إلى أن هذه السلطة عاجزة عن الطلب من الدولتين إيقاف هذه الحرب الدائرة على أرضها لأنها لا تملك القرار الذاتي وهي غير مؤهلة للمطالبة بتطبيق مبادىء السيادة الوطنية .

إضافة إلى عامل الحرب يُضاف مشكلة التأزم الإنساني – الإجتماعي – الإقتصادي – المالي ، وكل هذه العوامل تؤدي إلى عدم قدرة النظام الحالي على تلبية إحتياجات الناس ، وها نحن اليوم نقرأ من خلال الإعلام اللبناني عن عجز الدولة من القيام بواجباتها ولا أخفي سرا لقد وصل إلى مكتبي صبيحة هذا اليوم تقريرا مفصلا عن واقع المستشفيات اللبنانية وهو واقع مأساوي لدرجة أن هذه المستشفيات ستكون في غضون أيام خارج الخدمة لعدم توفير المستلزمات الطبية للقيام بمهامها . هذا أمر خطير في ظل وضع أمني متفجر يحصد كل ثانية المئات من الضحايا الأبرياء الذين يحتاجون إلى عناية طبية مكثفة …

لبنان جمهورية مغلوب على أمرها واقعها مرير ، والمؤسف أن هذه الطبقة السياسية (مسيحيين ومسلمين )عاجزة أمام اللمفات المتراكمة السياسية – الأمنية – الإستشفائية – الإقتصادية – المعيشية – الإجتماعية وغيرها من القضايا التي تتطلب حلولا فورية وسريعة وجادة ، كما هناك مشاكل سياسية ناتجة عن الأداء السياسي الحالي وهذا ما خلق إنقساما عاموديا في هذه الحالة . إنّ هذه الأمور تتطلب حلاً سريعا ألا وهو الإتجاه نحو مجلس الأمن طالبين تدخله تحت إطار الفصل السابع لأن آخر الدواء الكي وقد أعذر من توّجه لهذا الحل لأنه طفح الكيل .

 

الدكتور جيلبير المجبِّرْ

 

 

 

فرنسا في 16 تشرين الثاني 2024